تعود قرية سدوس شمال غرب الرياض هذه الأيام لتشكل مصدر إشعاع ثقافي وحضاري بما تتضمنه من مواقع تراثية أصيلة في السعودية، وذلك من خلال فعاليات مشروع تفعيل الأصول التراثية (نقوش) الذي يستمر لمدة شهر كامل في منطقة الرياض، والذي أطلقته وزارة الثقافة عبر هيئة التراث، ويتضمن أنشطة تراثية ثقافية وإبداعية متنوعة، تهدف إلى إضفاء روح جديدة على المواقع التراثية بالمنطقة.
تجربة تراث عمراني نوعية
ويستعرض المشروع في بلدة سدوس تجربة تراث عمراني نوعية تسرد تأثير المعماري كرستوفر هانكه على طراز بناء بلدة سدوس عن طريق معرض مصور، والعودة إلى الماضي من خلال "جلسة مسيان"، وهي عبارة عن منطقة استجمام بين مزارع النخيل، وسط أجواء مثالية لتبادل الأحاديث والاستمتاع بالموقع، كما تسجل مبادرة "عام القهوة السعودية" حضورها عبر تفعيلات متعددة في عدة مواقع، وذلك لإبراز قيمة القهوة السعودية ودلالاتها الثقافية والاجتماعية باعتبارها رمزاً ثقافياً يرتبط بقيم الكرم والضيافة السعودية الأصيلة، كما أنها تشكل ظاهرة تراثية أصيلة لا يخلو منها أي بيت سعودي اليوم له عاداته وتقاليده، وله التزاماته الموروثة بالنسبة لتناول القهوة السعودية وتداولها.
أيقونة القرى النجدية
وقدم فيصل بن معمر نيابة عن أهالي سدوس جزيل الشكر والامتنان لوزير الثقافة الأمير بدر بن فرحان، ولجميع منسوبي الوزارة وهيئة التراث بإشراف د. جاسر الحربش، وذلك لإقامة فعاليات الأصول التراثية (نقوش) في القرية التراثية كرمز للقرى النجدية في السعودية، وما أحدثته من أثر وتعريف بالذاكرة الوطنية.
وأضاف بن معمر أن قرية سدوس الواقعة شمال غربي الرياض تمثل أيقونة القرى النجدية وهي مصدر اعتزاز بالروابط التاريخية والاجتماعية والحضارية، ولها نظام معين في بناء القرية وارتباطها بالحالة الدينية والسياسية والاجتماعية في نجد، وهو الأمر الذي لفت انتباه المهندس المعماري الألماني كريستوفر هانكه، الذي قدم دراسة علمية عن سدوس تحت عنوان "سدوس نموذج للقرية النجدية بالمملكة العربية السعودية"، حصل بموجبها على درجة الدكتوراه من جامعة كيسر زلاوترن الألمانية عام 2004، وكذلك له أدوار بارزة وخدمات جليلة في التخطيط العمراني لقرية سدوس وفي حفظ آثارها وتراثها.
وتبرز أهمية مثل هذه المناسبات للمحافظة والتعريف بالقرى التراثية، وهياكل التراث العمراني لأهميتها الحضارية والاجتماعية، بوصفها وثيقة تراثية وأثرية وتاريخية، تسرد واقع الأجداد وتدون حياتهم.
يذكر أن قرية سدوس شاهدة على معالم أثرية عديدة تحدّث عنها المؤرخون والرحالة باعتبارها إحدى مدن العارض وأحد الأقاليم التاريخية التي كانت تتألف منها منطقة نجد، ووردت في أشعار القدماء، وبها مسلة لافتة عليها نقوش وكتابات تعود إلى عصور قديمة تؤكد جدارة البلدة كإحدى الحواضر في الجزيرة العربية.