شكلت البيوت الطينية نموذجاً فريداً للعمارة التقليدية في نجران تدل على ما كان يتمتع به أهالي المنطقة السابقين من حسٍ فنيٍ رائع تجلى في هذه التحف العمرانية التي ما زالت صامدة على مر السنين مما يدلل على أهمية التراث العمراني في نجران من خلال أصالتها وقیمتھا في مواجهة التغيير، والحفاظ عليه كاستثمار للتراث الذي امتد لمئات السنين" كأحد الشواهد على حضارة تلك المنطقة عبر الأجيال، والعصور المتعاقبة وتاريخها العريق، وهوية عمرانية لجذب السياح والزوار.
من جهته، تحدث مستشار الدورات التخصصية في التنمية وصناعة السياحة وإدارة الفعاليات، زياد بن محمد غضيف "للعربية.نت" عن هذه المواقع، مؤكدا أن القصور الطينية في نجران تتكون من سبعة أدوار إلى تسعة غالبا، وهناك قرى قديمة في مدينة نجران تتزين بتلك المباني الطينية، وتعتبر معالم بارزة وطرازاً معمارياً فريداً، حيث تنقلك تلك القرى الفريدة في طبيعتها، وتصاميم مبانيها القديمة إلى صور مزجت بين الأصالة والتراث العمراني الفريد، ومن هذه القرى الشهيرة على ضفة وادي نجران الشمالية التي مازالت شاهدة على عراقة تلك المباني قرية "ال منجم، قرية الحامية، العواكل، ال جعفر، طعزة، دحضه، قرى بني سلمان، المراطة، العان، شعب بران، زور ال الحارث، الموفجة".
أما الضفة الجنوبية لوادي نجران والتي تبدأ من "زور وداعة، والعمارى، مرورا بقرية الصفاء، سلوى، الحضن، الجربة، بئر القزاز، القابل، وحتى رجلا" فستجد نفس النمط وكأنك تنتقل من مشهد تراثي لآخر تحيط به المزارع وتزين أغلب تلك المزارع قرى ومبانٍ تميزت بطراز عمراني فريد يعجز الرسام عن تصوير تلك المشاهد.
وأضاف: من يزور تلك القرى سيشاهد عدة نماذج من تلك المباني تختلف في المسميات وفي الشكل وطريقة البناء، وتنقلك إلى لوحات فنية مطرزة بالتميز والأصالة، وستجد مباني الدروب، والمشولق، والمقدم، والقلاع أو ما يسمى القصبة وكذلك المربع، وكل نموذج له شكله المعماري الذي يحاكي الهوية التاريخية والتراث العمراني لمنطقة نجران، وهذا دليل على ما يتمتع به المجتمع المحلي من حس فني رائع أظهر تلك التحف العمرانية التي مازالت صامدة لمئات السنين.
وأشار إلى أن من ميزات التراث العمراني في نجران التنوع حيث تعد الحجر والطين والأخشاب أهم مكوناته.
وفيما يتعلق بأنماط البيوت الطينية في نجران فلها عدة نماذج فريدة أهمها:
مبنى "الدرب" وهو تحفة معمارية يتكون من سبعة طوابق إلى تسعة طوابق وينتهي في أعلاه بغرفة تسمى الخارجة تكون في أعلى الدرب وتكون مطلة على القرية ويستخدمها رب الأسرة أو كبير العائلة، وتستخدم العائلة النجرانية الدروب القديمة لأكثر من أسرة للسكن والإقامة فيه ويوجد في محيطه بئر.
وأضاف أن لكل دور بالبيت النجراني وظيفة حيث يخصص الطابق الأرضي للمواشي، بينما الطابق الذي يليه للمنتجات الزراعية كالحبوب والتمر والسمن ويسمى مرفوع، وهناك أماكن أو مساحات لتخزين الحطب بينما يوضع في الأدوار المخصصة للجلوس "الوجار أو الصلل" لوضع القهوة عليها، والجلوس حولها فترات مواسم البرد لغرض التدفئة، ويقابلها أماكن أو جزئيات خصصت للرجاء لطحن البر والقمح، فيما يخصص جزء في أعلى الدرب بالطابق العلوي لوضع التنور الذي يستخدم عادة لعمل الخبز، أما مبنى المشولق وهو مبنى على شكل حرف (U) فيتكون من طابقين إلى ثلاثة وتطل جميع غرفه على المدخل الرئيسي، ويأتي مبنى المقدم وعادة من ثلاثة طوابق وحوش، ويُستخدم الطابق الأرضي منه كمجلس وغرف للتخزين، وهناك نموذج آخر ويسمى المربع لتساوي الأضلاع فيه، فيما يأتي نموذج القلاع أو الحصون أو ما يسمى "القصبة"، والتي عادة تكون في السور الذي يبنى على بعض المباني أو على القرية، وتبنى بشكل دائري حيث تكون القاعدة أكبر وتضيق الدائرة كلما ارتفع البناء وعادة يكون في علو السور المحيط بمجموعة من المباني وضع "العوسج" أو ما يسمى "بالزرب" لإحاطة علو السور لهدف الحماية ومنع التسلق، وعادة يكون لكل سور باب مكون من خشب "العلب" الصلب وله مفاتيح تسمى بالضبة أو المفتاح.